رد: أربعون نصيحة لإصلاح البيوت
كُتب : [ 29-08-2012
- 21:02
]
الاجتماعات في البيوت
نصيحة 13 :
إتاحة الفرصة لاجتماعات تناقش أمور العائلة
" وأمروهم شورى بينهم " سورة الشورى الآية 38 . عندما تتاح الفرصة
لأفراد العائلة بالجلوس سوياً في وضع مناسب لمناقشة أمور داخلية أو خارجية
تتعلق بالعائلة ، فإن ذلك يعد علامة على تماسك الأسرة وتفاعلها وتعاونها ،
ولا شك أن الرجل الذي ولاه الله أمور رعيته في بيته هو المسئول الأول ،
وصاحب القرار ولكن إتاحة المجال للآخرين - وخصوصاً عندما يكبر الأولاد -
يكون فيه تربية لهم على تحمل المسئولية بالإضافة إلى ارتياح الجميع
لإحساسهم بأن آراءهم ذات قيمة عندما يُسألون إبداءها ، ومن الأمثلة على
ذلك مناقشة الأمور التي تتعلق بالحج أو عمرة رمضان وغير ذلك من الإجازات ،
والسفر لصلة رحم ، أو ترويح مباح ، وتنظيم الأعراس ووليمة الزفاف ، أو
عقيقة المولود ، أو الانتقال من بيت لآخر ، ومشروعات خيرية ، كإحصاء فقراء
الحي ، وتقديم المساعدات ، أو إرسال الطعام لهم ، وكذلك مناقشة أوضاع
العائلة ومشكلات الأقارب وكيفية الإسهام في حلها وهكذا .. ، تجدر الإشارة
هنا إلى نوع آخر مهم من أنواع الاجتماعات ، وهو جلسات المصارحة بين
الأبوين وأولادهما ، فإن بعض المشكلات التي تعرض لبعض البالغين لا يمكن
حلها إلا بجلسات انفرادية ، يخلو الأب بابنه يناجيه في مسائل تتعلق
بمشكلات الشباب ، وسن المراهقة ، وأحكام البلوغ ، وكذلك تخلو الأم بابنتها
لتلقنها ما تحتاج إليه من الأحكام الشرعية ، وتساعدها في حل المشكلات التي
تعرض في مثل هذه السن ، واستهلال الأب والأم الكلام بمثل عبارة " عندما
كنت في مثل سنك .. " له أثر كبير في التقبل ، وانعدام مثل هذه المصارحات
هو الذي يقود هؤلاء لمفاتحة قرناء السوء وقرينات السوء ، فينتج عن ذلك شر
عظيم .
نصيحة 14 :
عدم إظهار الخلافات العائلية أمام الأولاد :
يندر أن يعيش جماعة في بيت دون نوع من الخصومات ، والصلح خير والرجوع إلى
الحق فضيلة . ولكن مما يزعزع تماسك البيت ، ويضر بسلامة البناء الداخلي هو
ظهور الصراعات أمام أهل البيت ، فينقسمون إلى معسكرين أو أكثر ، ويتشتت
الشمل ، بالإضافة إلى الأضرار النفسية على الأولاد وعلى الصغار بالذات ،
فتأمل حال بيت يقول الأب فيه للوالد : لا تكلم أمك ، وتقول الأم له : لا
تكلم أباك ، والولد في دوامة وتمزق نفسي ، والجميع يعيشون في نكد . فلنحرص
على عدم وقوع الخلافات ، ولنحاول إخفاءها إذا حصلت ، ونسأل الله أن يؤلف
بين القلوب .
نصيحة 15 :
عدم إدخال من لا يُرضى دينه إلى البيت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير "
قطعة من رواية أبي داود " 4829 " . وفي رواية البخاري : " وكير الحداد
يُحرق بيتك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة " رواه البخاري الفتح 4/323 .
أي والله يحرق بيتك بأنواع الفساد والإفساد ، كم كان دخول المفسدين
والمشبوهين سبباً لعداوات بين أهل البيت ، وتفريق بين الرجل وزوجته ، ولعن
الله من خبّب امرأة على زوجها ، أو زوجاً على امرأته ، وسبب عداوة بين
الأب وأولاده ، وما أسباب وضع السحر في البيوت أو حدوث السرقات أحياناً
وفساد الخلق كثيراً إلا بعد إدخال من لا يُرضى دينه ، فيجب عدم الإذن
بدخوله ، ولو كان من الجيران ، رجالاً ونساءً ، أو من المتظاهرين
بالمصادقة رجالاً ونساءً ، وبعض الناس يسكتون تحت وطأة الإحراج ، فإذا رآه
على الباب أذن له ، وهو يعلم أنه من المفسدين . وتتحمل المرأة في البيت
جزءاً عظيماً من هذه المسئولية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا
أيها الناس أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ ؟ " قالوا : يوم
الحج الأكبر ، ثم قال عليه الصلاة والسلام ، في ثنايا خطبته الجامعة في
ذلك اليوم : " فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن
في بيوتكم لمن تكرهون " رواه الترمذي 1163 وغيره عن عمرو بن الأحوص وهو في
صحيح الجامع 7880 . فلا تجدي في نفسك أيتها المرأة المسلمة إذا منع زوجك
أو أبوك دخول إحدى الجارات إلى البيت ، لما يرى من أثرها في الإفساد ،
وكوني لبيبة حازمة إذا عقدت لك مقارنات بين زوجها وزوجك ، تنتهي بدفعك
لمطالبة زوجك بأمور لا يطيقها . والنصح عليك واجب لزوجك إذا لاحظت أن من
ندمائه في بيته أناساً يزينون له المنكر .
هدية : حاول أن تكون موجوداً في البيت كلما استطعت ، فوجود ولي الأمر في
بيته يضبط الأمور ، ويمكنه من الإشراف على التربية وإصلاح الأحوال
بالمراقبة والمتابعة ، وعند بعض الناس أن الأصل هو الخروج من البيت ، فإذا
لم يجد مكاناً يذهب إليه رجع إلى البيت ، وهذا مبدأ خاطئ ، فإذا كان خروج
المرء من بيته لأجل طاعات ، فعليه الموازنة ، وإذا كان خروجه للمعاصي
وضياع الأوقات أو الانشغال الزائد بالدنيا ، فعليه أن يخفف من المشاغل
والتجارات ، ويحسم اللقاءات الفارغة . بئس القوم يضيعون أهليهم ، ويسهرون
في الملاهي .. ، ونحن لا نريد الانسياق وراء مخططات أعداء الله ، وهذه
فقرة فيها عبرة : جاء في نشرة المشرق الأعظم الماسوني الفرنسي المنعقدة
عام 1923م ما يلي : " وبغية التفريق بين الفرد وأسرته ، عليكم أن تنتزعوا
الأخلاق من أسسها ، لأن النفوس تميل إلى قطع روابط الأسرة والاقتراب من
الأمور المحرمة ، لأنها تفضل الثرثرة في المقاهي على القيام بتبعات الأسرة
" .
نصيحة 16 :
الدقة في ملاحظة أحوال أهل البيت
من هم أصدقاء أولادك ؟
هل سبق أن قابلتهم أو تعرفت عليهم ؟
ماذا يجلب أولادك معهم من خارج البيت ؟
إلى أين تذهب ابنتك ومع من ؟
بعض الآباء لا يدري أن في حوزة أولاده صوراً سيئة ، وأفلاماً خالعة ،
وربما مخدرات ، وبعضهم لا يدري أن ابنته تذهب مع الخادمة إلى السوق ،
وتطلب منها أن تنتظر مع السائق ثم تذهب لموعدها مع أحد الشياطين ، والأخرى
تذهب لتشرب الدخان عند قرينة سوء تعبث معها ، وهؤلاء الذين يفتلون أولادهم
لن يفلتوا من مشهد يوم عظيم ، ولن يستطيعوا الهرب من أهوال يوم الدين : "
إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن
أهل بيته " حسن رواه النسائي 292 ، وابن حبان عن أنس وهو في صحيح الجامع
1775 ، السلسة الصحيحة 1636 .
وهنا نقاط مهمة :
يجب أن تكون المراقبة خفية .
لا لأجواء الإرهاب .
يجب أن لا يحس الأولاد بفقدان الثقة .
ينبغي أن يراعى في النصح أو العقاب أعمار الأولاد ومداركهم ودرجة الخطأ .
حذار من التدقيق السلبي وإحصاء الأنفاس . روى لي شخص أن أحد الآباء عنده
كمبيوتر يخزن فيه أخطاء أولاده بالتفصيل ، فإذا حصل خطأ أرسل إليه استدعاء
وفتح الخانة الخاصة بالولد في الجهاز ، وسرد عليه أخطاء الماضي مع الحاضر .
التعليق : لسنا في شركة ، وليس الأب هو الملك الموكل بكتابة السيئات ، وليقرأ هذا الأب المزيد في أصول التربية الإسلامية .
وأعرف في المقابل أناساً يرفضون التدخل في شئون أولادهم بتاتاً بحجة أن
الولد لن يقتنع بأن الخطأ خطأ والذنب ذنب إلا بأن يقع فيه ، ثم يكتشف خطأه
بنفسه ، وهذا الاعتقاد المنحرف ناتج عن رضاع من لبن الفلسفة الغربية ،
وفطام على مبدأ إطلاق الحريات المذموم فتعست المرضعة ، وبئست الفاطمة ،
ومنهم من يفلت الزمام لولده خشية أن يكرهه بزعمه ، ويقول : أكسب حبه مهما
فعل ، وبعضهم يطلق العنان لولده كردة فعل عما حصل له مع أبيه في السابق من
نوع شدة خاطئة ، فيظن أنه يجب أن يعمل العكس تماماً مع ولده ، وبعضهم يبلغ
به السفول لدرجة أن يقول : دع الابن والبنت يتمتعان بشبابهما كما يريدان ،
فهل يفكر مثل هؤلاء بأن أبناءهم قد يأخذون بتلابيبهم يوم القيامة فيقول
الولد : لِمَ تركتني يا أبي على المعصية ؟!
نصيحة 17 :
الاهتمام بالأطفال في البيت
ولهذا جوانب عديدة منها :
تحفيظ القرآن والقصص الإسلامية : لا أجمل من جمع الأب أولاده ليقرئهم
القرآن مع شرح مبسط ، ويقدم المكافآت لحفظه ، وقد حفظ صغار سورة الكهف من
تكرار تلاوة الأب لها كل جمعة ، وتعليم الولد من أصول العقيدة الإسلامية
كمثل التي وردت في حديث : " احفظ الله يحفظك " ، وتعليمه الآداب والأذكار
الشرعية ، كأذكار الأكل والنوم ، والعطاس والسلام ، والاستئذان ، ولا أشد
تنبيهاً وأقوى تأثيراً في الطفل من سرد القصص الإسلامية على مسامعه .
ومن هذه القصص : قصة نوح عليه السلام ، والطوفان ، وقصة إبراهيم عليه
السلام ، في تكسير الأصنام وإلقائه في النار ، وقصة موسى عليه السلام في
نجاته من فرعون وإغراقه ، وقصة يونس عليه السلام في بطن الحوت ، ومختصر
قصة يوسف عليه السلام ، وسيرة محمد صلى الله عليه وسلم مثل البعثة والهجرة
، وشيء من الغزوات كبدر والخندق ، وغيرها كقصته صلى الله عليه وسلم مع
الرجل والجمل الذي كان يُجيعه ويُجهده ، وقصص الصالحين ، كقصة عمر بن
الخطاب رضي الله عنه مع المرأة وأولادها الجياع في الخيمة ، وقصة أصحاب
الأخدود ، وقصة أصحاب الجنة في سورة "ن" ، والثلاثة أصحاب الغار ، وغيرها
كثير طيب ، يلخص ويبسط مع تعليقات ووقفات خفيفة ، يغنينا عن كثير من القصص
المخالفة للعقيدة والخرافية أو المخيفة التي تفسد واقعية الطفل ، وتورث
فيه الجبن والخوف .
حذار من خروج الأولاد مع من هب ودب : فيرجعون إلى البيت بالألفاظ والأخلاق
السيئة ، بل يُنتقى ويُدعى من أولاد الأقرباء والجيران من يلعب معهم في
المنزل .
الاهتمام بلعب الأولاد المسلية والهادفة : وعمل غرفة ألعاب أو خزانة خاصة
، يرتب فيها الأولاد ألعابهم ، وتجنب الألعاب المخالفة للشريعة : كالأدوات
الموسيقية وما فيه صلبان أو نرد .
ومن الجيد توفير ركن هوايات للفتيان كالنجارة والإلكترونيات ، والميكانيكا
، وبعض ألعاب الكمبيوتر المباحة ، وبهذه المناسبة ننبه إلى خطورة بعض
أشرطة الكمبيوتر المصممة لتعرض صور النساء في غاية السوء على شاشة الجهاز
، أو ألعاب فيها صلبان ، حتى ذكر أحدهم أن إحدى الألعاب هي لعبة قمار مع
الكمبيوتر ، وينتقي اللاعب صورة فتاة من أربع فتيات يظهرن على الشاشة تمثل
الطرف الآخر ، فإذا فاز في اللعبة خرجت له صورة الفتاة في أسوأ منظر جائزة
الفوز .
التفريق بين الذكور والإناث في المضاجع : وهذا من الفروق في ترتيب بيوت أهل الدين وغيرهم ممن لا يهتمون بهذا .
الممازحة والملاطفة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب الأطفال
يمسح رؤوسهم ، ويتلطف في مناداتهم ، ويعطي أصغرهم أول الثمرة ، وربما
ارتحله بعضهم . وفيما يلي مثالان على مداعبته صلى الله عليه وسلم للحسن
والحسين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليدلع لسانه لحسن بن علي ، فيرى الصبي حُمرة لسانه فيبهش له " أي
أعجبه وجذبه فأسرع إليه . رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه
وسلم وآدابه ، انظر السلسلة الصحيحة رقم 70 . وعن يعلى بن مرة أنه قال :
خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ودعينا إلى طعام ، فإذا حسين يلعب في
الطريق ، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم ثم بسط يديه فجعل
الغلام يفر هاهنا وهاهنا ، ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه
فجعل إحدى يديه تحت ذقنه ، والأخرى في فأس رأسه فقبله . رواه البخاري في
الأدب المفرد رقم 364 وهو في صحيح ابن ماجه 1/29 .
نصيحة 18:
الحزم في تنظيم أوقات النوم والوجبات :
بعض البيوت حالها كالفنادق لا يكاد قاطنوها يعرف بعضهم بعضاً ، وقلما يلتقون .
بعض الأولاد يأكل متى شاء وينام متى شاء ، ويتسبب في السهر ومضيعة الوقت ،
وإدخال الطعام على الطعام ، وهذه الفوضوية تتسبب في تفكك الروابط ،
واستهلاك الجهود والأوقات ، وتنمي عدم الانضباط في النفوس ، قد تعذر أصحاب
الأعذار ، فالطلاب يتفاوتون في مواعيد الخروج من المدارس والجامعات ،
ذكوراً وإناثاً ، والموظفون والعمال وأصحاب المحلات ليسوا سواء ، ولكن
ليست هذه الحالة عند الجميع ، ولا أحلى من اجتماع العائلة الواحدة على
الطعام ، واستغلال الفرصة لمعرفة الأحوال والنقاشات المفيدة ، وعلى رب
الأسرة الحزم في ضبط مواعيد الرجوع إلى المنزل ، والاستئذان عند الخروج ،
خصوصاً للصغار - صغار السن أو صغار العقل - الذين يُخشى عليهم .
نصيحة 19 :
تقويم عمل المرأة خارج البيت
شرائع الإسلام يكمل بعضها بعضاً ، وعندما أمر الله النساء بقوله : " وقرن
في بيوتكن " الأحزاب /33 ، جعل لهن من ينفق عليهن وجوباً كالأب والزوج .
والأصل أن المرأة لا تعمل خارج البيت إلا لحاجة ، كما رأى موسى عليه
السلام ، بنتي الرجل الصالح على الماء تذودان غنمهما تنتظران ، فسألهما :
" ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يُصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير " القصص
الآية 23 ، فاعتذرتا حالاً عن خروجهما لسقي الغنم ، لأن الولي لا يستطيع
العمل لكبر سنه ، لذا صار الحرص على التخلص من العمل خارج البيت حالما
تسنح الفرصة " قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي
الأمين " القصص الآية 26 .
فبينت هذه المرأة بعبارتها رغبتها في الرجوع إلى بيتها لحماية نفسها ، من التبذل والذي قد تتعرض له بالعمل خارج البيت .
وعندما احتاج الكفار في العصر الحديث لعمل النساء بعد الحربين العالميتين
، لتعويض النقص الحاصل في الرجال ، وصار الوضع حرجاً من أجل إعادة إعمار
ما خربته الحرب ، وواكب ذلك المخطط اليهودي في تحرير المرأة ، والمناداة
بحقوقها بقصد إفساد المرأة ، وبالتالي إفساد المجتمع تسربت مسألة خروج
المرأة للعمل .
وعلى الرغم من أن الدوافع عندنا ليست كما هي عندهم ، والفرد المسلم يحمي
حريمه وينفق عليهن ، إلا أن حركة تحرير المرأة نشطت ، ووصل الأمر إلى
المطالبة بابتعاثها إلى الخارج ، ومن ثم المطالبة بعملها حتى لا تذهب هذه
الشهادات هدراً وهكذا ، وإلا فالمجتمعات الإسلامية ليست بحاجة لهذا الأمر
على هذا النطاق الواسع الحاصل ، ومن الأدلة على ذلك وجود رجال بغير وظائف
مع استمرار فتح مجالات العمل للنساء .
وعندما نقول : " على هذا النطاق الواسع " ، فإننا نعني ذلك لأن الحاجة إلى
عمل المرأة في بعض القطاعات كالتعليم والتمريض والتطبيب بالشروط الشرعية
حاجة قائمة ، وإنما قدمنا تلك المقدمة لأننا لاحظنا أن بعض النساء يخرجن
للعمل دون حاجة ، وأحياناً براتب زهيد جداً ، لأنها تحس أنها لا بد أن
تخرج لتعمل حتى ولو كانت غير محتاجة ، ولو في مكان غير لائق بها ، فوقعت
فتن عظيمة .
ومن الفروق الرئيسية بين المنهج الإسلامي لقضية عمل المرأة ، والنهج
العلماني أن التصور الإسلامي للقضية يعتبر أن الأصل هو " وقرن في بيوتكن "
والخروج للحاجة " أُذن لكن أن تخرجن في حوائجكن " والنهج العلماني يقوم
على أن الخروج هو الأصل في جميع الحالات .
ولأجل العدل في القول نقول : إن عمل المرأة قد يكون حاجة فعلاً ، كأن تكون
المرأة هي المعيل للأسرة بعد زوج ميت ، أو أب عاجز ، ونحو ذلك ، بل إنه في
بعض البلدان نتيجة لعدم قيام المجتمع على أسس إسلامية تضطر الزوجة إلى
العمل لتغطي مصروف البيت مع زوجها ، ولا يخطب الرجل إلا موظفة ، بل اشترط
بعضهم على زوجته في العقد أن تعمل !!
والخلاصة : فقد يكون عمل المرأة للحاجة أو لأجل هدف إسلامي ، كالدعوة إلى
الله في مجال التعليم ، أو تسلية كما يقع لبعض من ليس لها أولاد .
وأما سلبيات عمل المرأة خارج البيت فمنها :
ما يقع كثيراً من أنواع المنكرات الشرعية ، كالاختلاط بالرجال ، والتعرف
بهم والخلوة المحرمة ، والتعطر لهم ، وإبداء الزينة للأجانب ، وقد تكون
النهاية هي الفاحشة .
عدم إعطاء الزوج حقه ، وإهمال أمر البيت ، والتقصير في حق الأولاد " وهذا موضوعنا الأصلي " .
نقصان المعنى الحقيقي للشعور بقوامة الرجل في نفوس بعض النساء فلنتصور
امرأة تحمل شهادة مثل شهادة زوجها ، أو أعلى " وهذا ليس عيباً في ذاته " ،
وتعمل براتب قد يفوق راتب زوجها ، فهل ستشعر هذه المرأة بشكل كاف بحاجتها
إلى زوجها وتتكامل لديها طاعة الزوج ، أم أن الإحساس بالاستغناء قد يسبب
مشكلات تزلزل كيان البيت من أساسه ، إلا من أراد الله بها خيراً ، وهذه
مشكلات النفقة على الزوجة الموظفة والإنفاق على البيت لا تنتهي .
الإرهاق الجسدي والضغط النفسي والعصبي الذي لا يناسب طبيعة المرأة .
وبعد هذه العرض السريع لمصالح ومفاسد عمل المرأة نقول : لا بد من تقوى
الله ، ووزن المسألة بميزان الشريعة ، ومعرفة الحالات التي يجوز فيها
للمرأة أن تخرج للعمل ، من التي لا تجوز ، وأن لا تعمينا المكاسب الدنيوية
عن سلوك سبيل الحق ، والوصية للمرأة لأجل مصلحتها ، ومصلحة البيت ، وعلى
الزوج ترك الإجراءات الانتقامية وألا يأكل مال زوجته بغير حق .
نصيحة 20 :
حفظ أسرار البيوت :
وهذا يشمل أموراً منها :
عدم نشر أسرار الاستمتاع .
عدم تسريب الخلافات الزوجية .
عدم البوح بأي خصوصية يكون إظهارها ضرر بالبيت أو أحد أفراده .
فأما المسألة الأولى فدليل تحريمها : قوله صلى الله عليه وسلم : " إن من
أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه
ثم ينشر سرها " رواه مسلم 4/157 . ومعنى يفضي : أي يصل إليها بالمباشرة
والمجامعة كما في قوله تعالى : " وقد أفضى بعضكم إلى بعض " سورة النساء
الآية 21 .
ومن أدلة التحريم أيضاً حديث أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، والرجال والنساء قعود فقال : " لعل رجلاً يقول ما يفعله
بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها " فأرم القوم " أي سكتوا "
فقلت : إي والله يا رسول الله ، إنهن ليفعلن ! وإنهم ليفعلون !! قال : "
فلا تفعلوا فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس
ينظرون " رواه الإمام أحمد 6/457 وهو مخرج في آداب الزفاف للألباني ص 144
. وفي رواية لأبي داود : " هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه ،
وألقى عليه ستره ، واستتر بستر الله ؟ قالوا : نعم ، قال : ثم يجلس بعد
ذلك فيقول فعلت كذا ، فعلت كذا ، فسكتوا ، ثم أقبل على النساء ، فقال : هل
منكن من تحدث ؟ فسكتن ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتها ، وتطاولت لرسول
الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها ، فقالت : يا رسول الله إنهم
ليحدثون ، وإنهن ليحدثن ، فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ إنما مثل ذلك مثل
شيطانة لقيت شيطاناً في السكة ، فقضى حاجته والناس ينظرون إليه " سنن أبى
داود 2/627 وهو في صحيح الجامع 7037 .
وأما الأمر الثاني ، وهو تسريب الخلافات الزوجية خارج محيط البيت ، فإنه
في كثير من الأحيان يزيد المشكلة تعقيداً ، وتدخل الأطراف الخارجية في
الخلافات الزوجية يؤدي إلى مزيد من الجفاء في الغالب ، ويُصبح الحل
بالمراسلة بين اثنين هما أقرب الناس لبعضهما ، فلا يلجأ إليه إلا عند تعذر
الإصلاح المباشر المشترك وعند ذلك نفعل كما أمر الله : "فابعثوا حكماً من
أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما " سورة النساء
الآية 35.
والأمر الثالث : وهو الإضرار بالبيت أو أحد أفراده - بنشر خصوصياته - وهذا
لا يجوز لأنه داخل في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " رواه
الإمام أحمد 1/313 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 250 . ومن أمثلة ذلك ما ورد
في تفسير قوله تعالى : "ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط
كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما " التحريم الآية10 ، فقد نقل
ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما يلي : " فكانت امرأة نوح تطلع
على سر نوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، وأما
امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحداً أخبرت أهل المدينة ممن يعمل السوء "
تفسير ابن كثير 8/198 . أي ليأتوا فيعملوا بهم الفاحشة
|