رد: الحجـاب فضيلة وعفاف
كُتب : [ 22-07-2014
- 18:37
]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «لأن المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل؛ ولهذا خصت بالاحتجاب وترك إبداء الزينة،وترك التبرج، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل، لأن ظهورها للرجال سبب الفتنة، والرجال قوامون عليهن»([1]) .
وقال رحمه الله أيضًا: وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان، وذلك لأن البيوت سترة كالثياب على البدن، كما جمع بين اللباسين في قوله تعالى: }وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ{ [النحل: 81] فكل منها وقاية من الأذى الذي يكون سمومًا مؤذيًا كالحر والشمس والبرد، وما يكون من بني آدم من النظر بالعين وإليه وغير ذلك([2]) .
ويقول أيضًا رحمه الله: «الأصل لزوم النساء البيوت لقوله تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ{ فهو عزيمة شرعية في حقهن وخروجهن من البيوت رخصة لا تكون إلا لضرورة أو حاجة».
ولهذا جاء بعدها }وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى{.
أي: لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية.
والأمر بالقرار في البيوت حجاب لهن بالجدر والخدور عن البروز أمام الأجانب، وعن الاختلاط، فإذا برزن أمام الأجانب، وجب عليهن الحجاب باشتمال اللباس الساتر لجميع البدن والزينة المكتسبة.
ومن نظر في آيات القرآن الكريم، وجد أن البيوت مضاف إلى النساء في ثلاث آيات من كتاب الله تعالى مع أن البيوت للأزواج أو لأوليائهن وإنما حصلت هذه الإضافة والله أعلم مراعاة لاستمرار لزوم النساء للبيوت فهي إضافة إسكان ولزوم للمسكن والتصاق به لا إضافة تمليك.
قال الله تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ{ وقال سبحانه }وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ{ وقال عز شأنه }لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ{([3]) .
أختي المسلمة: إن الحجاب بملازمة البيوت وعدم مبارحتها إلا للضرورة، عبادة نفيسة، ولباس من التقوى عزيز لا تستطيع ارتداءه إلا النفوس التي تعمق الإيمان في جوانحها مراد الله سبحانه من فرض الحجاب، وأدركت أن أول بوادر الفتنة وأصل شرارتها: الخروج لغير حاجة ولو بالحجاب المعتبر شرعًا!
فالمرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان، وجعلها حبلاً من حباله، وسهمًا من سهامه، ينال به ممن في قلبه مرض! هذا وإن تكن ملتزمة بالحجاب! فكيف إذا كانت مخلة بشروطه.
فجدير بنسائنا أن يلزمن بيوتهن كما قال تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ{ وأن لا يخرجن إلى الأسواق وسيجدن ذلك ثقيلاً عليهن في أول الأمر لكنهن سيألفن ذلك ويخف عليهن في النهاية فيصرن ذوات الخدور وربات الحياء وزينة البيوت، وعلى أولياء الأمور من الرجال أن يتفطنوا لذلك، وأن يقوموا بما أوجب الله عليهم من رعاية وأمانة حتى يصلح الله لهم الأمور ويمنعهم من الفتنة قال الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{([4]) .
وقال ابن الجوزي رحمه الله: «وينبغي للمرأة أن تحذر من الخروج ما أمكنها وإن سلمت من الفتنة في نفسها لم يسلم الناس منها، فإذا اضطرت إلى الخروج خرجت بإذن زوجها في هيئة رثة، وجعلت طريقها في المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق واحترزت من سماع صوتها ومشت في جانب الطريق لا وسطه»([5]) .
ثم إن بيت الأخت المسلمة هو أنسب مكان لأداء وظيفتها في الحياة.
إنها الأم التي تتحمل مسؤولية تربية الأبناء والزوجة التي تتحمل رعاية الزوج والبيت، فإذا كانت كثيرة الخروج فكيف لها أن تؤدي وظيفتها الحياتية.
فتاوى مهمة عن الحجاب
شروط لبس النقاب
سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان:
ما حكم الشرع في نظركم في النقاب، فأنا امرأة ملتزمة بالشرع ومحافظة على صلواتي وواجباتي الزوجية إلا أنني عند خروجي من المنزل أخرج عيني فقط من الشيلة للنظر منهما مع أن باقي جسمي مغطى ومنه الوجه ببشت أسود فضفاض وألبس قفازين لليدين، ولسبب في ذلك أنني أعاني من ضعف في البصر؟
فأجاب فضيله: لا بأس بستر الوجه بالنقاب أو البرقع الذي فيه فتحتان للعينين فقط! لأن هذا كان معروفًا على عهد النبي rومن أجل الحاجة فإذا كان لا يبدو إلا العينان فلا بأس بذلك خصوصاً إذا كان من عادة المرأة لبسه في مجتمعها ([6]) .
صفة البرقع الذي يستر الوجه:
سئل سماحة الشيخ عبد الله بن حميد: كثير من النساء تستخدم البرقع ولا تتغطى عند كثير من الرجال بل يقولون إن البرقع قد يكفي عن الغطوة، وقد يكون بعض الرجال أقارب لنا، أفيدونا عن الطريقة الصحيحة أثابكم الله ورعاكم؟
فأجاب: البرقع إذا كان يغطي الوجه كله وما بقي إلا العينان لا بأس، أما إذا كان لا يغطي الوجه كله، بل الفم والبقية مكشوف فهذا لا يجوز وخاصة بمحضر الرجال الأجانب لأن الرجال الأجانب لا يجوز لهم أن ينظروا إلى وجه المرأة الأجنبية عنهم، وهي لا يجوز لها أن تكشف عندهم بل عليها أن تستر وجهها لأن جمالها ومحاسنها في وجهها.
أما البرقع فإن كان يغطي الوجه كله فلا مانع وحينئذ يكفي وإذا كان لا يغطي إلا البعض فلا يكفي.
فلا بد من تغطية الوجه كله، إ نما تخرج العين من أجل أن تبصر طريقها كما قا له ابن مسعود، وعبيدة السلماني وغيرهما والله أعلم ([7]) .
مخالفات في لبس البرقع:
سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين: ما موقف الشرع من البرقع الذي يلبسه كثير من النساء في بلادنا وبعضهن يظهرن وجناتهن وحواجبهن وتصبح المرأة فتنة بهذا اللباس أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟
الجواب: لا شك أن النقاب الذي هو البرقع جائز إلا في الإحرام، ويشترط فيه أن يكون ضيق الفتحات لا يخرج من العين إلا قدر النظر، فإذا تجاوز ذلك صار لافتًا للأنظار فلا يجوز، ولا شك أن إبداء الوجنتين والحاجبين من العورة، فلا يجوز للمرأة لبسه بهذه الكيفية وعلى المرأة أن تغطي وجهها بخمار ساتر فوق النقاب إذا كان و اسع الفتحات ويكون الخمار على العين لا يمنع نظرها لكن يستر بشرة الوجه والله أعلم ([8]) .
شروط استعمال المرأة المسلمة للطيب:
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله هل يجوز للمرأة إذا أرادت أن تذهب إلى المدرسة أو المستشفى أو لزيارة الأقارب والجيران أن تتطيب وتخرج؟
فأجاب: يجوز لها الطيب إذا كان خروجها إلى مجمع نسائي ولا تمر في الطريق على الرجال، أما خروجها بالطيب إلى الأسواق التي فيها الرجال، فلا يجوز لقول النبي r«أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهدن معنا العشاء» وأحاديث أخرى وردت في ذلك ولأن خروجها بالطيب في طريق الرجال ومجامع الرجال كالمساجد من أسباب الفتنة بها، كما يجب عليها التستر والحذر من التبرج لقوله جل وعلا }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى{ ومن التبرج إظهار المفاتن والمحاسن كالوجه والرأس وغيرهما ([9]).
حكم لباس العباءة الضيقة ونحوها
سئل سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين انتشر بين نساء المسلمين ظاهرة خطيرة وهي لبس بعض النساء العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطرح، والتي تكون زينة في نفسها وهذه العباءة تلتصق بالجسم وتصف الصدر وحجم العظام ويلبسن هذا اللباس موضة أو شهرة ما حكم هذا اللباس؟ وهل هو حجاب شرعي وهل ينطبق حديث النبي r«صنفان من أهل النار لم أرهما» الحديث.
الجواب: لقد أمر الله نساء المؤمنين بالتستر والتحجب الكامل فقال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ{ ولا شك أن بروز رأسها ومنكبيها مما يلفت الأنظار ونحوها فإذا لبست العباءة على الكتفين كان ذلك تشبهًا بالرجال، وكان فيه إبراز رأسها كالصدر وعنقها وحجم المنكبين وبيان بعض تفاصيل الجسم كالصدر والظهر ونحوه، مما يكون سببًا للفتنة وامتداد الأعين ونحوها وقرب أهل الأذى منها ولو كانت عفيفة وعلى هذا فلا يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور، ويخاف دخوله في الحديث المذكور: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسافة كذا وكذا» والله أعلم. ([10]) .
([1])الفتاوى (15/297).
([2])حراسة الفضيلة.
([3])حراسة الفضيلة (89).
([4])توجيهات للمؤمنات لابن عثيمين (18).
([5])أحكام النساء لابن الجوزي (104).
([6])المنتفى من فتاوى الشيخ الفوزان (3/67).
([7])فتاوى المرأة المسلمة (1/349).
([8])النخبة من الفتاوى النسائي (23).
([9])فتاوى المرأة المسلمة (1/471).
([10])النخبة من الفتاوى النسائية (44).
|